حقوق الإنسان فى الإسلام

حقوق الإنسان فى الإسلام 


يرى كثير من كتاب السياسة والقانون أن بداية معرفة الإنسان بالوثائق والشرائع التى بلورت الحقوق الانسانية قد جاء مع فكر الثورة الفرنسية التى وقعت أحداثها فى عام 1789 م فإبان هذه الثورة وضع أمانويل جوزيف سيس وثيقة عرفت بوثيقة حقوق الإنسان التى اقرتها الجمعية التأسيسية ( الوطنية ) واصدرتها كاعلان تاريخى ووثيقة سياسية واجتماعية ثورية فى 26 اغسطس 1789


 ولقد كانت المصادر الأساسية لفكر الوثيقة الفرنسية لحقوق الإنسان هى نظريات المفكر الفرنسى المعروف جان جاك روسر وكذلك بنيت مبادئ هذه الوثيقة على إعلان ووثيقة حقوق الاستقلال التى وضعت إبان حرب الاستقلال الأمريكية فى يوليو عام 1776 م والتى وضعها عدد من الأمريكيين على رأسهم توماس جيفرسون (الرئيس الثانى للولايات المتحدة الامريكية ) 


وإذا كان الفكر السياسى الأوروبى قد عرف هذه الحقوق فى القرن الثامن عشر سواء من خلال وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكية والوثيقة الأساسية الفرنسية عام 1789 م إلا أن الاسلام قد سبق الفكر الاوروبى فى إبراز هذه الحقوق بل نجد أن الإسلام قد بلغ فى الايمان بالإنسان وفى تقديس حقوقه إلى حد كبير واعتبرها ضروره مثل الماكل والملبس والمسكن والأمن والحرية فى الفكر والاعتقاد والتعبير والعلم والتعلم والمشاركة فى صياغة النظام العام للمجتمع والمراقبة والثورة لتغيير نظم الضعف أوالجور أو الفسق والفساد .......... الخ كل هذه الامور فى نظر الإسلام ليست فقط حقوق للإنسان من حقه أن يطلبها ويسعى فى اليها ويتمسك بالحصول عليها وانما هى ضرورات واجبة لهذا الإنسان 



والخلاصة أن الاسلام نظر الى هذه الحقوق الإنسانية على أنها ضرورات إنسانية فردية أو جماعية ولا سبيل إلى حياة الإنسان بدون هذه الحقوق أو الضروريات ومن ثم كان الحفاظ على هذه الحقوق أمر واجب على الإنسان يأثم هو وذاته إذا فرط فيها 

أولا حق الحرية 

الحرية فى الإسلام بمعناها الفردى والجماعى فى عرف الاسلام واحده من أهم الحقوق اللازمة لتحقيق إنسانية الإنسان ففى الحرية من وجهة نظر الإسلام حياة الانسان الحقيقية وبفقد الحرية يموت المرء حتى لو عاش يأكل ويشرب ويسعى فى الأرض كما هو حال الدواب 

1- الإسلام والرق 



ولو تأملنا اهتما الاسلام بالتحرير التدريجى للأرقاء فى المجتمع الذى ظهر فيه لأدركنا الانجاز الإحيائى أى بعث الحياة فى هذا الرقيق الذى كان مصرفا من مصارف الاموال العامة للدولة الاسلامية فضلا عن قربه من الله وكفارة لذنوب اى مسلم يرتكب ذنبا ما فلقد وجد الإسلام فى الحروب بين القبائل فى جزيرة العرب مصدرا لا ينتهى من مصادر الإسترقاق كما وجد فى العارات القبلية والفردية مصدرا ثانيا فجاء الاسلام وواجه هذا الوضع القاسى للرقيق بالأجراء الثورى فعمل الإسلام على إغلاق كل المصادر والروافد التى تمد سوق الرقيق بالمزيد من الأرقاء ولم يبق الإسلام من هذه الروافد إلا الحرب المشروعة وحى ارقاء الحرب واسراها وجد الاسلام لهم سبيلا للتحرر حين شرع لهم الفداء سبيلا 

2- الإسلام وتحرير العقل الإنسانى 

لغ تقديس الإسلام للحرية الإنسانية إلى الحد الذى جعل السبيل إلأى إدراك وجود الذات الإلهية هو العقل الإنسانى لذلك حرر الإسلام سبيل الإيمان من تأثير الخوارق والمعجزات المادية ومن سلطان النصوص والمأثورت بل ومن سيطرة الرسل والانبياء فلابد من اداك الايمان بالعقل اولا ونفى الإكراه 
يقول الله تعالى فى سورة البقرة (( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى)) 

3- الإسلام وحرية النظر والتدبر

تتحدث الايات الكريمة فى مواضع كثيرة باللفظ الصريح الواضح عن النظر بل وتحدث عليه ويستخدم القرآن فعل الأمر ليؤكد أن هذا النظر هو فريضة إلهية فرضها الله سبحانه وتعالى على الإنسان فيقول سبحانه وتعالى فى سورة العنكبوت (20)
(( قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ))
وهكذا فان التفكر والتدبر والنظر والتعقل هى الخاصية الإنسانية اللائقة بالإنسان المؤمن ذلك هو مبلغ الحرية ومكانتها فى الإسلام فهى ضرورة إنسانية واجبة وفريضة إلهية وبغيرها لن تتحقق حياة الإنسان كإنسان 

ثانيا : حق العدل 

قيمة العدل فى الإسلام تتصدر كل الثوابت التى يدعو إليها الدين الإسلامى فالعدل هو المقصد الأول للشريعة الإسلامية والعدل هو اسم من اسماء الله الحسنى وصفه من صفات الله جل شأنه والعدل فى الإسلام ضد الجور والظلم والعدل خاصية هامة من خواص الحضارة الإسلامية والعدل معناه الوسطية والتوازن أى تحقيق الإنصاف بإعطاء كل إنسان ماله واخذ ما عليه منه 
نظرة الإسلام للعدل : " العدل فريضة واجبة "

والعدل فى الإسلام فريضة واجبه وليس مجرد حق باستطاعة صاحبة التنازل عنه أو التفريط فيه وقد فرض الله هذه الفريضة على الكافة دون استثناء فرضها الله سبحانه وتعالى على سوله الكريم عليه الصلاة والسلام وأمره بها . والعدل أيضا فريضة على الولاة والحكام تجاه رعاياهم ومحكوميهم ومما يجدر ملاحظته أن وجوب فريضة العدل فى الإسلام على الكافة وشمولها وعمومها يتعدى بها نطاق الأولياء فهى واجبة العموم بصرف النظر عن العقائد والشرائع الدينية 

موقف الإسلام من الظلم 

وموقف الإسلام كذلك ضد الظلم يتسم بالشمول فإذا كان العدل واجب على الجميع تجاه الجميع فالظلم حرام على الكافة إزاء الكافة وقد  علمنا سبحانه وتعالى كراهة الظلم عندما اخبرنا أنه جل شأنه قد حرم الظلم على نفسه وعلى المؤمنيين أن يسلكوا نفس السبيل ونلاحظ ان الإسلام لا يقف من الظلم عند حدود التحريم والتحذير والتخويف فقط بل يوجب على المسلم التصدى للظلم بالمنع والإزالة بالاسلام يرى فى الظلم كبيرة ورزيلة اجتماعية تفوق فى اثارها الممتدة الكثير من الفواحش والكبائر 

ثالثا : الإسلام والمساواة 

المساواة فى اللغة 
سوى الشئ بالشئ أى جعله ومثله سواء وسواء تدل على معنى التوسط والتعادل يقال فلان وفلان سواء اى متساويان وقوم سواء أى متساوون 
المساواة اصطلاحا 
المساواة هى تشابه المكانة الاجتماعية والحقوقية والمسئولية والفرص للناس فى المجتمع على النحو الذى تقوم فيه الحالة المتماثلية فيما بينهم 
ميادين المساواة 
من ميادين المساوة : المساواة السياسية والمساواة الاقتصادية والمساواة المدنية والمساواة الاجتماعية كذلك يجرى الحديث عن المساواة فى علاقات المواطنيين داخل المجتمع وبين الأمم والدول وايضا بين الأجناس والقوميات والشعوب ومن الملاحظ ان بعض المذاهب فى الحديث عن تصوراتها لتطبيق المساواة بين الناس قد نحت منحى خيالى عندما تصورت أمكان تحقيق التماثل الكامل والتسوية الحقيقية بين الناس فى كل الميادين وبالتحديد فى الميادين الاقتصادية ( شئون المال والثروة والمعاش) وفى الميادين الاجتماعية التى تتأثر أوضاعها ومراتبها عادة بأوضاع الاقتصاد والمعاش والأموال والثروات 

نظرة الإسلام : المساواة حسب تفاوت الطاقات 

نشير هنا إلى أنه فى المجتمع الذى تتكافا فيه فرص تحصيل واكتساب وامتلاك المال والعلم والاشتغال بالشئون العامة على اختلافها وبالتالى تتفاوت أنصبتهم وحظوظهم فى الكسب والتحصيل بسبب تفاوت طاقتهم المادية والذهنية والإدارية وغيرها 
وواقع الأمر وهذا ما يقره الاسلام أن المساواة فى الفرص المتكافئة لا تثمر مساواة فى مراكز الناس المالية والاجتماعية بسبب تفاوت القدرات الموروثة والذاتية والمكتسبة بين هؤلاء الناس 


ومن الممكن القول أن هذه الحقيقة الاجتماعية والسنة الحاكمة فى العمران البشرى سنة التوازن لا المساواة المطلقة هى التى قادت المجتمعات التى طمعت فى تحقيق  المساواة المطلقة إلى الإخفاق والإحباط وهذا لم ينكره الاسلام حيث يتميز المجتمع الى طبقات اجتماعية مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على ان تكون العلاقة بينها عند مستوى ( العدل والوسط والتوازن) 

رابعا : الشورى فى الإسلام 

ورث الغرب عن اسلافهم الإغريق تراثا واضحا وغنيا فى الديمقراطية وأضاف أبناء الغرب بدورهم إلى هذا التراث وطوروه وخاصة فى ميدان النظم حتى عدت الديمقراطية فى الغرب من أشهر ما تميز به حضارتهم الحديثة نطريا وتطبيقا وبحيث اصبحت الديمقراطية قسمة من قسمات الحضارة الغربية على اختلاف تياراتها 

فماذا عن وضع الديمقراطية فى حضارتنا العربية الإسلامية ؟

الشورى فى تراث الأمة العربية الإسلامية فلسفة دينية مقدسة وليست مجرد ميراث فكرى كما هو الحال فى الغرب الذى ورث الديمقراطية . فالشورى فى الاسلام فلسفة اسلامية للحكم فى الدولة الإسلامية وللمجتمع الإسلامى بل وللأسرة المسلمة أى للسطة الإسلامية سواء كانت هذه السلطة دولة أو مجتمعا أو اسرة فلقد جعل القرآن الكريم من الشورى فريضة شرعية واجبة على كافة الامة حكاما ومحكومين فى الدولة والمجتمع والأسرة وفى كل مناحى السلوك الإنسانى 

خامسا : الإسلام وحق العلم 

العلم ضرورة لأية نهضة حديثة تنشدها أيه أمة من الأمم وللإسلام موقف مبدئى وثابت من العلم وكان هذا الموقف هو العامل الأول والفاعل الأساسى وراء الانتقال بالجماعة العربية من الجاهلية وبداوتها الى العلم وحضارته ولا شك ان الفتوحات العلمية والإنجازات التى ازداتت بها الحضارة العربية الاسلامية فى عصرها الذهبى والتى لعبت الدور المتميز فى الازدهار الذى حققته هذه الحضارة كانت نتاج هذا الموقف الثابت والمبدئى للإسلام من العلم والتعلم 
تعليقات